-->

قصص اطفال: طبق العم عبده

العم عبده حارس العقار عنده أطفال في عمري أنا وأخي فوالدتي تسألني أن أعطي له كل يوم طبقًا من الطعام الذي نأكله في الغداء، وأنا أتعب من النزول والصعود كل يوم، وأوقات أكون جائعًا جدًا فتارة كنت آكله على السلم ومرة أخرى أنتظر خارجا وأرجع لأمي لأقول لها لم أجده كي نضع الطعام على المائدة بسرعة.

قصة اطفال

وفي يوم من الأيام كان العم عبده يلمع سيارة والدتي بمنشفة بنية، وتأخر قليلا فلم تستطع أمي ركوب السيارة قبل انتهائه من التنظيف، فحاولت أمي أن تمحو الفوارق بينها وبينه وتقول بطريقة خفيفة الظل: ما رأيك في طبق البامية الذي أرسلته لك أمس ماذا قال عليه أولادك أأعجبهما أم قالا هذه السيدة لا تجيد الطهو؟!

أمي سألته بعفوية كانت تريد أن تريني أن لا فرق بيننا وبينه، وأنا كنت أنظر إلى العم عبده نظرة الذي يغرق في البحر وينتظر النجدة، لكنه لم يفهم نظرتي تلك بل زادت ملامح وجهه وجوما واستنكارًا: طبق... أي طبق؟ أنا والله أنا والأولاد اشتقنا إلى طعامك الشهي واللذيذ والصبيان يسألان عنه كل يوم تقريبًا.

أمي فتحت فمها كأنها تتثاءب ولم تضع يدها عليه مدة دقيقة تقريبا، وتسمرت ولا تحرك عينيها عن العم عبده هذه الأثناء، وكأنها كانت تربط كل الخيوط ببعضها، لتدرك أنني لم أكن أوصل له الطبق كل يوم، فلم تنظر إلي وتابعت النظر إلى العم عبده وقالت: إذن .. سأحضر لك اليوم طبقا أكبر ولن أتأخر أبدا عن الصبيين الشقيين، ثم ركبت السيارة وأمرتني بالركوب.

قصص الاطفال

قلبي كاد يخرج من صدري من شدة الدق، وأنفاسي متلاحقة كأنني كنت في سباق جري، وبدأ يتصبب مني العرق وأشعر باحمرار وجهي من شدة الحرارة المنبعثة منه، وأمي تحدق في مرآة السيارة التي تكشف وجهي الذي بالخلف، وأنا أنظر من نافذة السيارة هربا من عيونها، وصلنا النادي في ميعاد التدريب تماما، وأبت أمي أن أدخل إلى المدرب وجلست بجواري عند طاولات الاستراحة، كنت متوقعا أن تثور وتغضب وتنهرني ومن الممكن أن تصرخ، ويشاهدني الفريق!

لكن العجيب أنها وضعت يديها على وجهها وأخذت تبكي، وأنا أحاول تهدئتها، وبعد أن هدأت قالت كلمات لن أستطيع محوها مهما طال بي العمر، قالت: يا وليد الله عندما أعطانا جعل في أموالنا حقًا لكل محروم، فأولاد العم عبده لن يفرحا بالطعام فحسب، بل سيشعران بالحب والمودة لنا ويدعوان الله أن يخرجنا من كل ضيق، فيفتح الله علينا أكثر وأكثر، كان من الممكن أن تكون أنت ابنا لحارس العقار، ويكون هو في بيتنا يأكل ما نأكله؛ فتصور لو أنك كنت أحد أبنائه تشتاق لقطعة لحم ساخنة، أو دجاج مقلي بخلطة مميزة، بل وإذا وضعت زوجة العم عبده الطعام لك تقول: لا تأكل كثيرا حتى يكفينا الطعام، تخيل لو هو من يعيش بدلا منك يرفض أن يكمل طبقه وأمه تظل تلح عليه أن يكمله؛ فنظرت إلى الأرض من الخجل؛ فقالت: صعب التخيل لدقائق صحيح... فكيف به يعيش عمره كله في هذا المشهد؟! ألا يجب علينا أن نخفف عليه بإعطائه مما رزقنا الله وحرمه منه؟! أظن أنني انتهيت من الكلام، تستطيع الذهاب إلى التدريب.

لم تذكر أمي هذا الموضوع مرة أخرى، ولكنني منذ ذلك اليوم كنت أدخل بنفسي المطبخ أعد طبق العم عبده، الله وسع علينا وأعطانا نعمًا أتمنى أن تدوم، وأحب أن أتشارك مع أمي في هذا الأجر.

الدروس المستفادة:

1) لا يوجد فوارق بيننا.
2) في أموالنا حق للمحروم.
3) نتخيل أنفسنا مكان الفقراء حتى نحسن شكر نعمة الله.
4) المشاركة في فعل الخيرات.
اذا اعجبتكم هذه القصة
لاتنسونا من صالح الدعاء
والتشجيع والمشاركة والتعليق
وبنقرة واحدة
يمكنكم تحميل هذه القصة
عبر هذا الرابط