-->

قصة اطفال: رغيف اللحم المشوي

ساقتني قدماي إلى نفس البيت الذي أجره عمي للمصيف منذ أكثر من عشر سنوات عندما كنت طفلا في المرحلة الابتدائية، ولكن لماذا ذهبت إلى ذاك المكان أليس كل ذكرى حزينة لابد للإنسان أن يبتعد عنها؟! إذن لماذا تقترب قدماي من هذا المكان؟. 

قصص وعبر

لن أنسى ذلك اليوم الذي خرج فيه أولاد أعمامي مع أبويهم وتركوني في البيت حتى لا تسرق أغراضهم، طبعا لأن والدي متوفي ولن تستطيع والدتي شراء الحلوى من المحال لي كما سيشترون، فظللت أجلس في البيت أركل الحائط بقدمي، وأصرخ بصوت مرتفع وأعرف أن لا أحد يسكن هذا الشارع الآن، فالكل ذهب في ليل الصيف إلى المسارح والملاهي والألعاب وسيتناولون العشاء في الخارج، يا له من صيف رائع لمن كان عنده والد!

قصص اطفال

حاولت أن أبقى قويا ولا تهزمني دمعة باتت على حرف رموشي، ثم أبت أن تستقر وجدتها تنزل هي وأخواتها حتى رسموا على خدي الأبيض خطوطا سمراء، فأدركت أنني لم أغسل وجهي مذ كنت أنظف فناء البيت كما أمرني زوج عمتي، وغلبت علي فكرة أنهم أتوا بي لأخدمهم، أحمل لهم الحقائب، أقف بابن عمتي حتى يهدأ من بكائه، أمسك آلة التصوير وألتقط لقطات سعادتهم، ولا يذكرون اسمي إلا لمناولة بعض الأغراض.

وقتها نظرت للسماء وقلت لله، أعرف أنك يا الله جعلتني يتيما لحكمة، وأنا راضي كل الرضا، ولكن يوجد من في هذا العالم من يعاقبني على ذلك، يجرحني دون قصد ولا يراعي إحساسي، فاجعل أفعالهم يا رب سلاما على قلبي، ثم دخلت أطفئ الأنوار حتى لا ينهروني لأنني تركت المصابيح مضاءة، ولغلبة السكون على البيت غفلت عيني بضع ساعات، واستيقظت على الضحكات، الكل يحكي طرائف اليوم فتعمدت إغماض عيني ولو استطعت أسد أذني لسددتها.

قد كان كلامهم يوجعني كثيرا، ومعدتي أيضا سمعت لها أصواتا من حكيهم على ما تناولونه خارجا، آثرت عدم الحراك من السرير حتى ينام الجميع، وأقوم أبحث عن أي شيء آكله، لم ينته حديث سمرهم بسرعة بل استمر ساعات حتى كدت أنام مرة أخرى، ولكن هدأ الجميع وكل دخل إلى حجرته.

قصص الاطفال

 فقمت اقتربت من المطبخ، وجدت سلوى ابنة عمي الكبرى تكبرني بعامين، قالت: سامي.. أنا خفت أوقظك من نومك فتأكل هذا، وفي الصباح لا تتذكر أنك أكلته، وأخرجت من دولاب الخزين قطعة شهية من اللحم المشوي وعليها رغيف، فرفضت أخذها ومشيت ثلاث خطوات.
تسمرت سلوى مكانها وقالت: ألست في مقام أختك الكبيرة؟ ألا تعرف أن الأخت الكبيرة علينا احترامها ولا نحزنها؟ بهذا الشكل سأحزن، فاقتربت وأنا في شدة الحياء، ثم أكلته على مهل كي أشعر بكل قضمة في الرغيف، أظنه كان أحلى رغيف لحم مشوي في الكون، عيون سلوى وهي سعيدة أنني بدأت في أكل الرغيف لن أنسى بريقها، فقد شعرت أن هي من تأكل لا أنا، ظلت سلوى في عيني كالملاك الذي أرسله الله لي ليقول أن العالم به طيبون، تخرجت من كلية الهندسة وأصبح معي من النقود ما أشتري به كل يوم رغيف لحم مشوي، لكنني لم أجد رغيفا يشبه الذي أعطته لي سلوى.


الدروس المستفادة:

  1. اليتيم ليس خادما.
  2. اليتيم حساس المشاعر.
  3. يجب علينا مراعاة مشاعر كل محروم.
  4. اليتيم لا ينسى من فعل له معروفا.
اذا اعجبتكم هذه القصة
لاتنسونا من صالح الدعاء
والتشجيع والمشاركة والتعليق
وبنقرة واحدة
يمكنكم تحميل هذه القصة
عبر هذا الرابط