-->

قصص اطفال: فطيرة الشيخ جاد

في مدينة كبيرة تملأها المواصلات والزحام والأصوات عاش سامي في بيت صغير هو وأبواه وأخوه الكبير، كان يحصل على درجات ممتازة بسبب ذكائه وانتباهه للمعلمين، كانت عيناه مسحوبتان إلى الأعلى كعين قط ذكي، إذا نظر إلى السبورة نظرة واحدة نسخت حروفها داخل رأسه ؛ فلا يحتاج بعد الشرح لإعادة أو حتى مراجعة.

الخبز الحافي

مرت على سامي أيام صعبة كادت تبدد كل أحلام الجميع فيه، فالكل كان يتوسم فيه خيرًا بداية من المعلمين والوالدين حتى التلاميذ الذين كانوا يجلسون في الفصل معه، حتى توفى والد سامي وهو في سنه الصغير وكانت أمه من منطقة ريفية فاضطرت أن تأخذه هو وأخاه إلى الريف حيث بيت أجداده.
دخل سامي بيت جده ولأول مرة لم يفرح بأشجار البرتقال ولا الحقل، ولم يسبق أصحابه كما تعود في كل زيارة، قد كانت زيارته للريف هذه المرة مختلفة تماما.
الأم لا تملك من الأموال ما يعيشها هي وأولادها في المدينة عيشة كريمة، بينما في الريف يزرعون الأرض ويأكلون من ثمارها وإذا أرادت أن تقترض مالا ستجد الأب والخال والعم، بينما في المدينة قد انقطعت كل صلة تربطهم بها، هذا ما قالته الأم للأبناء الصغار مظهرا والكبار جوهرا، فقال الأخ الأكبر: لكن التعليم يا أمي؟
الأم: وجدت لك مكانا لكبر سنك في مدرسة القرية لكن سامي سألحقه بكتاب تابع لمركز القرية حتى لا يضيع عليه هذا العام، ولكن تذكرا أنني أريدكما كما أرادكما أباكما - أحسن الناس - اتفقنا؟!

روائع قصص الاطفال

في أول يوم في كتاب الشيخ جاد التابع لمركز القرية، جلس سامي على مقعد خشبي يقاسمه فيه اثنان من زملائه، شعر سامي بالأمان أول ما اشتم رائحة الطبشور، ابتدأ ينظر بعينيه الحادتي الذكاء إلى شرح المعلم ويردد مثلما يردد الأطفال، إلى أن دق باب الكتاب مندوب المركز ليسلم الأطفال الوجبات الغذائية المجانية.
كان سامي طفلا جديدا لم يدرج اسمه بعد في كشوفات المركز، حتى يوفروا له وجبة يومية، ولم يكن سامي يدرك ذلك فأول ما رأى الفطير المخبوز المرشوش عليه السكر الناعم الأبيض هم ليأخذ واحدة كما هم جميع أطفال الفصل، فتبقى طفل في الكتاب لم يأخذ فطيرته! وسامي وضع الفطيرة في صندوق خشبي تحت مقعده حتى يأكلها في وقت الفسحة.
الشيخ جاد نظر إلى الكشوف ثم وجد حرجا أن يسأل سامي: هل أخذ الفطيرة أم لا؟ بل دار حول مقعده ونظر نظرة في صندوقه من بعيد وجده قد احتفظ بفطيرة الطفل الذي لم يأخذ الفطير بعد، أسرع الشيخ جاد واشترى لذاك الطفل من خارج الكتاب فطيرة بسكر، ثم قال لسامي بعد انتهاء اليوم: يا سامي لا تأخذ من فطير المركز هذا فزوجتي تعد لي فطيرا طازجا كل يوم سأجلب لك واحدة، ظل سامي في الكتاب يأكل فطيرة الشيخ جاد كل يوم، ولم يدرك حقيقة هذا الموقف إلا عندما كبر.
قد توظف سامي في وظيفة كبيرة في شركة التموين، وأتى له الشيخ جاد يحتاج توقيعه على أوراق مخبز لسكان القرية، كان الشيخ قد رسمت الشيخوخة على وجهه طرقا عريضة على جبينه وتحت عينيه، لكن سامي استطاع أن يتعرف عليه أول ما دخل مكتبه، بينما الشيخ جاد أنكر معرفته لسامي تماما، حتى حكى له قصة الفطيرة، حينها قال الشيخ جاد: لو تدري يا سامي كم رزقني الله بفضل تلك الفطيرة، فالله وسع علي داري وبارك لي في أموالي، وكفاني أنا وأسرتي الفقر، وأعطاني الصحة، قال سامي: وأنت يا شيخي الكريم لو تعرف كيف أثرت في تلك الفطيرة فقد أشعرتني بمحبتك  وذكرني ملمس يدك وهو يعطيني إياها بحنو أبي، فقد كنت أرى في هذه الفطيرة الخير الكثير، وأقبلت على تحصيل العلم أكثر، ورفعني الله منزلة بين أصدقائي وقرنائي في الفصل، وكانت سبب ترتيبي الأول على المركز ذاك العام ثم باقي الأعوام، الفطيرة ليست من دقيق؛ بل دق بها قلبي الصغير ليكون كما أنا عليه الآن.

الدروس المستفادة:

العطف على اليتيم.
معاملتك الحسنة لليتيم تقلل من أحزانه.
اليتيم لا ينسى المعروف.
من زرع الخير يحصد بركة وخير.
الخوف على مشاعر الأطفال.
للانضمام إلى الورشة المجانية لحكي الاطفال في:
جروب الواتس من هنـــــا
----------------------
اذا اعجبتكم هذه القصة
لاتنسونا من صالح الدعاء
والتشجيع والمشاركة والتعليق
وبنقرة واحدة
يمكنكم تحميل هذه القصة
عبر هذا الرابط