-->

قصة بعنوان: عاد أبي من السفر

جاء أبي من السفر فكل إجازة يأتي لنا  شهرين، وهل يكفي لهذا القلب الذي ينبض بحب أبي فقط شهران، فكل ما طال شعري عقلة من الإصبع أشتاق لوصف أبي لشعري الملون بلون الليل إذا أحلك، وكلما طالت قامتي شبرا أذكره، وهو يساعدني لفتح أنوار غرفتي بالليل، فأبي الذي أسمعه وأنا وحدي ينادي، وأبي الذي لا يسمع أبدا ندائي!

قصة عاد ابي من السفر

كبرت وصرت أحتاج لضمته ولحديث مطول معه على يومه الشاق، وعلى حالة الأسواق والناس التي تحتك به في يومه، أريد أراه في غضبه وفي حلمه، أريد سماع ضحكته التي تصعد من القلب وليس الهاتف، فقلبي كلما كبر ولم يجد من يسمعه كلمات الأمان يظل  يدق من الخوف.

حقيقة أبي يوفر لي سبل العيش وبفضل الله في أفضل حال، لكنني في وسط أقراني أشعر بالنقص لا نقص مال ولا مأكل بل نقص شيء أكبر من الذي قلته، فكلمة صديقتي لي وهي تقول أبي أخذني إلى طبيب الأسنان، وأخرى تقول أبي من سيرجعني إلى المنزل، أجد رأسي تميل بدون إرادة إلى الأرض وصوت عالي في نفسي يصرخ: لا تظهري دمعك أمام الناس، لا تظهري ألمك وارفعي رأسك وحاولي أن تبلعي دمعك في جوف القلب.

جاء أبي من السفر فلمَ أسكت؟

اشتاق الى ابي

وهل ينفع مع صوت بعاده القاسي عتاب الصمت، سأقول له أن الدنيا بدونه بلا الوان بلا طعم، وأني في حاجة ماسة له بهذا العمر، وأن غيابه إن طال سأتعود عليه ولن يفرق معي مجيئه من عدمه، فأنا الآن أتوجع وأخاف أن تتعود زهرته على الوجع فتصبح شكلها ورد بطعم الشوك، ألا يدري وأنا أقول كيف حالك؟ يرد داخلي صوت عميق يقول أباك كل أحوالك، فكيف تسألي سؤالا وداخلك جوابه؟

أبي الآن جمعت شجاعتي التي عشت ألملمها من البعد، وأقول لك الآن كلمات لن أعيدها مرة أخرى، أنا لا أستطيع العيش بلا أنفاسك في هذا البيت، فمنزلنا يضيء إذا مسه قدماك، وأنا كرهت هذه الظلمة وكآبة المنظر في سفرك، واعلم بأن جميع أموالك جميعها لحاجاتي أبدا لا تكفي، فأموالك لا تدخل في قلبي سعادة صوت ضحكتك الذي يدوي في أرجاء هذا المنزل، وأموالك لا تنير لي الطرق التي أتعثر بها حين المشي، وأموالك لا تكفل لي الأمان وأنا نائمة ولا قائمة، وأموالك توفر لقمة العيش لكن طعمها مرا فلا يأتي ثمارها عندي ولا عند أخوتي، ألا تشتاق لمن تلعب في هذا الشعر إذ تصحو؟ ألا تشتاق لتسميعي لك جزء القرآن الذي حفظته؟ ألا تشتاق أن تصوب بعض أخطاء كتابتي، وترشدني كيفية حل مسألة معقدة وأنت بجانبي تجلس على الكرسي، ألا تشتاق لعيوني؟ ألا تشتاق لجنوني أنا وأخوتي بالليل؟ ألا تشتاق للصخب؟ ألا تشتاق لحياة حقيقية بدلا من التمثيل أننا أحياء؟

فرد أبي: بلى أشتاق وأتوجع أضعاف الذي قلته لكل لحظة تجمعني بكم، وأنام وأنا أحتضن صورتكم، والله أعلم بحالي في غربتكم، فهمت الدرس من أطيب أبنائي وأحلاهم، سأفسخ عقد غربتي هذا، وأوقع معكم عقد الوصل، الذي ينص على التالي لا سفر ولا فرقة وأيام طويلة جميلة تجمعنا.

اذا اعجبتكم هذه القصة
لاتنسونا من صالح الدعاء
والتشجيع والمشاركة والتعليق
ــــــــــ
ــــــــــ
وبنقرة واحدة
يمكنكم تحميل هذه القصة
عبر هذا الرابط:

Telechargement files