قصص واقعية: رهان على حواء
من قصص واقع الحياة نقدم لكم قصة بعنوان:
رهان على حواء
كلامه المعسول خطف فؤادي لم أكن أؤمن بكلمات الحب، وأكفر بكل مسمياته، ولا أعرف معنى للأغاني التي تسمعها الفتيات، وكل ما في رأسي الدراسة والعلم فقط، حتى ذهبت إلى الجامعة التي بالحضر واضطررت إلى السكن في المدينة الجامعية، والذهاب عند أمي كل جمعة فقط، كان آدم من أبهى الطلاب في طلته، يدخل إلى المحاضرة ترى كل شيء تحول إلى شيء آخر، السكون الذي كان يعترينا يصبح ضجيجا، أو لو كنا في حديث سكتنا، كنت أجلس في مدرجات الفتيات في أول الصفوف، كنت أبعد عن تفكيره من كوكب الزهرة.
وللاعتراف فقط كنت أدرك جيدا أن لا شابًا وسيمًا سيفكر في وأنا بزيي المحتشم وبعبوس وجهي وأنا داخلة وخارجة إلى المدرج، حسنا كلانا لا يفكر في الآخر، ماذا حدث؟! الذي حدث أن حسناوات الدفعة كن كالقمر الذي يتلألأ لكن في عز الظهر، المكياج الذي على وجه أي فتاة منهن كفيل لنزف به العروس التي في محافظة الغربية عندنا، لباسي الطويل الفضفاض جعلني أستنقص ميل كل فتاة منهن أمام هذا الشاب وغيره من الشباب، بل وأتمسك بقلمي لنقل المحاضرات عن الدكاترة حتى أتى ذاك اليوم.
قامت المحاضرة باختيار أسماء عشوائية ووضعتهم في مجموعات وكان آدم ضمن مجموعتي، الغريب أنني وجدت كل الشباب والشابات فرحين أنني واحدة من طلاب المجموعة، وقالوا بالنص: ما دامت حواء معنا في المجموعة إذن ضمننا النجاح! رفضت هذه الطريقة وقلت لهم الكل سيعمل لن تأخذوا مجهودي على طبق من فضة ووجدتني أوزع المسؤوليات أنت عليك هذا الباب من الكتاب، وأنتِ هذا ترسلين لي هذا غدا، وفتحت باسم مجموعتنا مجموعة على الواتساب، عرف آدم رقم تليفوني وأخذ يراسلني على الخاص: حواء لا أفهم هذه النقطة، ممكن تحاولين شرحها لي بالصوت، ولا تعرف حواء أنه كان ينقل للأخريات المحادثات، وجعلوا من صوتها مادة ضحك، واتفق معهم جميعا أنها ستذوب في حبه آخر يوم من أيام العرض.
ياله من وقح! ماذا جنت تلك الطيبة ليوقعها في حبه الزائف؟ طبعا كأي فتاة لم تعرف صوت الرجل إلا في أبيها أو أحد أقاربها أو عم محمد بائع الفول، وجدته يجذبها بثنائه على طريقة شرحها، يمدح لباسها ويقول أنا أحترم فيك احترامك لنفسك، قد كانت تشعر وهي تقف أمام المرآة أنها ملكة من ملكات هذا العالم، وأن قامتها ارتفعت أمتارا وأمتارا، أدمنت صوته في أسابيع، وأخذت تنقب عن عيونه بين الحاضرين من الطلاب، وتقترب من زاوية مقعده كي تكشفه، وهو يتقن تمثيل الدور، فلا تلتفت إلا ورأته ينظر لها، حتى اقترب يوم مناقشة المجموعة.
ليلة هذا اليوم بات يحدثها عن تعوده على وجودها بجانبه، وكم هو خائف من غدا ليفرقه عنها، وآن الأوان أن تعترفي أيضا بحبك لي، قوليها لي كي تتلون السماء بلون ورود العالم، كي أشعر أنني امتلكت كنزا لم يسبق لغيري حتى شرف النظر إليه؛ ذابت تلك المخدوعة في كلامه المعسول الذي كان يستنسخ منه نسخا لصديقاته، ثم قالت أحبك حقا يا آدم، ولم أعرف كيف تسلل إلى قلبي هذا الشعور الذي ليس له وقت ولا مكان في قلبي؛ الله المستعان، وهنا كسب الرهان ولكن يجب عليهم جميعا الانتظار ليوم المناقشة.
ناقشت حواء مهمة مجموعتها بكل ما تملك من شجاعة، قد جعلت الساحة ترج بصوتها من ثقته، أدهشت المحاضرة والطلاب جميعهم؛ لكنها أسرت قلب آدم حقيقة، وبات يتمنى أن يكتم أصدقاؤه سر الرهان للأبد، ولكن للأسف بعد فوز مجموعتهم غير الأصدقاء اسم المجموعة على الواتس آب إلى آدم وحواء، ثم نشروا فيها كل المحادثات السرية التي باحت فيها حواء بما يكن في صدرها من حب.
الصدمة لم تكن قوية لهدمها معنويا فقط، بل قدمت حواء اعتذارا عن اختبار العام في الجامعة ورجعت بيتها في محافظة الغربية تحتضن أمها وتبكي, وبعد فترة تقدم لها شابا يسكن في حيها، ورزقها الله بمن هو خير من آدم في رضا الله وحلاله بعد عامين، أما آدم فقد كان يحاول أن يرى في كل فتاة حواء، وفقد كل تواصل ووصل وندم ندما شديدا لكن بلا فائدة، فلابد لكل إنسان أن يدفع ثمن أفعاله، ولكنه مازال حتى الآن يدفع الثمن!
ففي قلبه علقت تلك الحواء.