-->

قصة العامل والياقوتة الحمراء

يحكى أنه كان عامل يعمل في منجم من المناجم الحجرية يدق الأحجار بالمدق، له عضلات قوية من كثرة الأعمال في المنجم، وعلى الرغم من عمله  وقت طويل في المنجم، إلا أنه كان يرجع لزوجته بقليل القليل من الأموال، فتبتسم دائما زوجته وتقول : اليوم قليل وغدا كثير إن شاء الله، طالما تنفق وقتك على طاعة الله سيرزقنا البركة في المال والولد.

قصة وعبرة

كانت كلمات زوجته تدب فيه الحماس إلى العمل أكثر وأكثر.
ويرى صدق كلامها في أولاده الطائعين له، فهم كالزهور التي إذا رأتها عيناك سرت، وإذا اقتربت منها انتشيت.

وبينما كان يعمل ويدق الصخر انفلقت منه حجارة حمراء تشبه الياقوتة فذهب بها إلى رئيس العمال؛ فقال له: حلال عليك يا أبا عبد الله؛ اذهب إلى سوق كبار التجار وانظر كم تساوي، لأنني لم أر مثلها قط؛ فبالتأكيد سعرها سيكون مرتفعًا؛ فأكمل العمل مع العمال وهم أن ينصرف، فقال له رئيس العمال: ألا تودعنا يا أبا عبد الله  ، لا أظنك ستكمل معنا العمل في المنجم بعد اليوم، يضحك العمال ويقولون: إذن لنا عندك وجبة غداء بعدما تبيع هذه الياقوتة، وسنحتفل اليوم بآخر يوم لك في المنجم!

خرج من المنجم على سوق التجار الكبير قال له كبير التجار: إن هذه الياقوتة إذا بعتها لنا اليوم سوف تبيعها كأي حجر من الأحجار العادية، ولكن سيأتي على أرضنا غدا الساعة السابعة صباحا ( شيخ تجار ) ولا يأتي إلا مرتين في العام، وإذا تأخرت انتظرت للعام المقبل، أو رضيت بأثماننا الزهيدة لتلك الياقوتة النفيسة.

قصص وعبر

فرح العامل بكلام التجار وهم إلى زوجته ينقل لها جميل الأخبار، ابتسمت زوجته كعادتها، وقالت: أما قلت لك يا أبا عبد الله أن الإخلاص في العمل وإنفاق الوقت في طاعة الله سترى أثره في هذه الدنيا وفي الآخرة، تجمع العمال في دار العامل يباركون له ، وطلبوا منه أن يحتفل معهم آخر يوم من أيام فقره، وسهر معهم إلى الفجر وعاد لا يستطيع أن يفتح عينيه، فذهب إلى سريره وقال في نفسه سأغفو ساعة أو ساعتين، وأكون في السوق الكبير الساعة السابعة.

ذهب العامل في بحر النوم ، وتعجبت أم عبد الله من نومه هذا النوم العميق، واستيقظ وهو يقول سأكون غنيا اليوم، كم الساعة يا أم عبد الله؟ قالت التاسعة، فانتفض من على السرير، وأخذ يرتعد وهو يرتدي ملابسه من الخوف وأمسك بالياقوتة وخرج يجري حتى يقابل شيخ التجار، أول ما دخل السوق أخذ يلومه كبير التجار لوما، ويقول له: شيخ التجار بالطبع لا يعرف الانتظار، فإما أن تبيعها الآن بثمن أي حجر من الأحجار، أو عليك طويل الانتظار.

رجع إلى المنجم وأخذ يدق على الأحجار وفي جيبه الياقوتة الحمراء ، وفي قلبه حسرة وعلى وجهه أسى ، والناس بين لائم له وبين مشفق عليه ، حتى عاد لزوجته حزينا تكاد تنزل دموعه من الندم، فقابلته زوجته وأولاده بالابتسام وقالوا لا مشكلة لو نصبر عاما من الأعوام، وحق قول القائل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

الحكمة من القصة:

- الرضا بما قسمه الله دائما.
- الرزق يكون في الأولاد وفي الصحة.
- ضرورة  الحفاظ على الوقت.
- التعلم من أخطائنا.