-->

هل انت ناجح في علاقاتك الاجتماعية؟

من المعلوم ان الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، ولا يستطيع ان يعيش منعزلا، وداخل الجماعة ينتمي، وشبكة العلاقات الإنسانية تعد بالنسبة له بمثابة الغلاف الجوى لكوكب الأرض فهو الذى يمنحه الحياة، ولكن تكوين علاقات اجتماعية ناجحة يحتاج إلى مهارات قد لا يعيها كثير من الناس، فهل سألت نفسك هل أنت ناجح فى علاقاتك الاجتماعية؟، هل تعتبر نفسك ممن يملكون "ذكاءًا اجتماعيًا"؟، ما هى الأجواء التى تعيشها مع أسرتك، أصدقائك، زملائك ورؤساءك فى العمل؟
التنمية الذاتية

يقدم إلوود إن تشايمان فى كتابه "النجاح في العلاقات الإنسانية .. أساليب عملية للتنمية الذاتية" رؤية تفصيلية للعلاقات الإنسانية التى تعد بمثابة الكنز فى حياة الإنسان السوى، كما يحاول المؤلف مساعدة القارئ على تكوين علاقات إنسانية إيجابية على المستوى المهني خاصة والشخصي بوجه عام لبناء مستقبل مشرق وحياة متوازنة. ويكشف الكتاب عن ثلاثة أخطاء شائعة تبعد الناس عنا وهى (طبقًا لما أوردته مجلة الإسلام اليوم) عدم إعطاء الآخرين فرصة لتصحيح أخطائهم وتدارك الموقف، وكذلك توقع أن تعطيك الإدارة الحافز على العمل بتحميل الإدارة كافة المسؤولية، أما الخطأ الثالث الذى ينبهنا إليه المؤلف فهو التنفيس عن التوتر في غير محله ووقته يفسد بما العلاقات الإنسانية.
وقد قسم المؤلف فكرته وبسطها فى شكل متدرج حيث يتعرض أولا لأهمية هذه العلاقات وأسلوب تنميتها ثم ينتقل إلى كيفية العلاج لما فسد منها، ويبدا الفصل الأول بتناول أهمية العلاقات الإنسانية موضحًا أن غالبية الموظفين لا يُقَّدرون أهمية العلاقات الإنسانية فى حين يعتمد استقرار المستقبل الوظيفي له على مدى بنائه لعلاقات ا يجابية في بيئة العمل أو حياته الخاصة. ثم يستطرد تشليمان فى شرح طبيعة العلاقات الإنسانية مبينًا أنها تقوم بين طرفين، وهي بمثابة الاتصال بين الناس وأفضل الطرق الموضوعة للحكم على العلاقات الإنسانية، هو التركيز على نوعية العلاقة بغض النظر عن شخصيات طرفي هذه العلاقة. كما أن هناك علاقة طردية بين ازدياد الإنتاجية وجودة العلاقات الإنسانية؛ فكلما كانت هناك علاقات إنسانية متينة أدت لزيادة الإنتاجية، والعكس صحيح.
الاتصال غذاء
ويؤكد تشايمان أن الاتصال هو غذاء العلاقات الإنسانية فسبب أي قطيعة أو سوء فهم هو نقص الاتصال. وفى نفس الوقت يشير إلوود إلى أن التصرفات التافهة غير المقصودة تتسبب في إفساد الكثير من العلاقات، وبالرغم من أن هذه التصرفات غير مقصودة إلا أنها تدل على عدم الإحساس والشعور بالطرف الآخر، كما أن التغيُّب أو التأخر عن العمل يفسد العلاقات الإنسانية.
ويأتى ذلك لأن التأخير عن العمل غالبًا ما يدل على عدم الانضباط والالتزام، وبالتالي تسوء العلاقات مع الرؤساء لعدم ثقتهم بالمتأخرين، وكذلك يقل احترام وتقدير الموظفين للمتأخرين مما يؤدي إلى تراجع العلاقات الإنسانية. ثم يرشدنا المؤلف فى الفصل الثاني إلى نقطة غاية فى الأهمية بالنسبة لكثير من الذين فاتتهم كل أو بعض هذه الأمور السابقة فى علاقاتهم الإنسانية وهى إصلاح العلاقات الإنسانية حيث يؤكد إلوود فى البداية على عامل الرغبة في الإصلاح، حيث أن عامل الإصلاح في أي علاقة يعتمد على الرغبة في إصلاح وبناء هذه العلاقة واستمرارها من قبل الطرفين بالشكل المناسب لكليهما، بغض النظر عمّن هو البادئ في الخطأ والزلل.
ويُعدّ الحوار الصريح هو الحل الأمثل لإصلاح العلاقات الإنسانية، لذا يجب اختيار الوقت والمكان المناسبين أولاً، ثم طرح الأفكار ووجهات النظر، وما هو المطلوب من كل طرف بأسلوب هادئ. ولا شك أن مفتاح الحل للخلافات هو الرغبة في الوصول إلى تسوية، لذلك كلما كان طرفا الخلاف حازمين ومتعاونين أمكن حل الخلافات بينهما، ولكن فى سبيل لحل الخلافات يسألك المؤلف هل تتنازل أو تكون ضحية؟
التنازل قوة
في أغلب الأحيان يُفسر التنازل في حل الخلافات بين طرفي الخلاف على أنه ضعف أو فشل أو استسلام، وهذا فهم قاصر بل ربما تكون هذه التنازلات مصدر قوة. كيف ذلك؟؟عند تقديمك لتنازلات بسيطة في حل الخلافات تجبر الطرف الآخر على تقديم تنازلات أكبر من تنازلاتك ليثبت لك أنه قدم تنازلا أكبر منك، وبالتالي تكون قد كسبت أكثر وتم حل الخلاف بما يرضي الطرفين، ولكن متى تتنازل؟
لا تحزن
ومن أهم النقاط التى ينبه إليها د. عائض القرني فى كتابه ( لاتحزن ) أن عليك ألا تنتظر شكرًا من أحد، يقول الكاتب: "اعمل الخير لوجه الله، لأنك الفائز على كل حال، ثم لا يضرك غمط من غمطك، ولا جحود من جحدك، وأحمد الله لأنك المحسن، وهو المسيء واليد العليا خير من اليد السفلى ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)". وأضاف بان هذا الخطاب لا يدعوك لترك الجميل، وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود، والتنكر لهذا الجميل والإحسان، (فلا تبتئس بما كانوا يصنعون).
وينصح المؤلف بألا تحمل الكرة الأرضية على رأسك فهناك "نفر من الناس تدور في نفوسهم حرب عالمية، وهم على فرش النوم، فإذا وضعت الحرب أوزارها غنموا قرحة المعدة، وضغط الدم والسكري، يحترقون مع الأحداث، يغضبون من غلاء الأسعار، يثورون لتأخر الأمطار، يضجون لانخفاض سعر العملة، فهم في انزعاج دائم ، وقلب واصب (يحسبون كل صيحة عليهم) ، ونصيحتي لك أن لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك.
ومن أجل شخصية سعيدة لا تكن إمعة فلا تتقمص شخصية غيرك، ولا تذب في الآخرين، إن هذا هو العذاب الدائم، من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
ولكن أحيانًا تدفعك الظروف إلى التعامل مع بعض الأشخاص السيئو الطباع الذين قد يؤذون مشاعرك، فكيف تتصرف معهم؟
الأشخاص السيئون
الطبيب النفسي جاري كارتر حاول تقديم الحل من خلال كتابه "أشخاص سيئو الطباع.. كيف تمنعهم من جرح مشاعرك دون أن تهبط إلى مستواهم". والنوعية التى يعنيها كارتر هى الأشخاص الذين يسعون قصدًا الى التحقير من شأن الآخرين، مما يترتب عليه إحساس الضحية بالضيق الشديد لأن هذا التحقير هو العلة الرئيسية وراء التقدير المتدني للذات والمعاناة النفسية والتعاسة بصفة عامة.
ويحاول المحقر التقليل من شأن الآخرين ويبتكر الأساليب للنيل من الآخرين عبر التشكيك والإسقاط والتعميم وإطلاق الأحكام والتلاعب بالكلمات والهجوم الخبيث وبث الرسائل مزدوجة المعنى ورفع المعنويات ثم الحط منها.
وهنا ينصح بأن أفضل السبل في هذا الشأن هي المواجهة وأن تطلب أن يكرر ما قاله بهدوء وحزم ولا سيما اذا كان ما يقوله من تحقير يأخذ شكل التلميح.
هذا يؤكده أيضًا الدكتور ياسر العيتى فى كتاب "الذكاء العاطفي في الإدارة والقيادة" والذي يشدد فيه علي أنه لا يكفي أن يهبك الله عقلا متفتحًا، أو قلبًا واعيًا لتحقيق النجاح مع الآخرين. بل يجب أن تضيف إلى ذلك أسلوبًا لبقًا يسمى اليوم الذكاء العاطفي.
.......................................
لا تنسونا بصالح الدعاء